كشفت دراسة علمية حديثة عن إمكانية استخدام عقار إدونيربيك مالييت (Edonerpic Maleate) في تسريع وتيرة التعافي الحركي لدى المرضى المصابين بإصابات في الحبل الشوكي، حيث أظهرت تجارب أجريت على نماذج حيوانية تحسنًا ملحوظًا في التحكم باليدين والقدرة على الإمساك بعد الإصابة.
ويُعد هذا البحث خطوة واعدة نحو تطوير علاجات فعالة لإصابات الحبل الشوكي، قد تُسهم بشكل كبير في تحسين جودة حياة المصابين وتقليل التكاليف الطبية والاجتماعية المرتبطة بتلك الإصابات.
أُجريت الدراسة من قبل فريق بحثي مشترك من جامعة مدينة يوكوهاما ومشروع الأطراف العصبية الاصطناعية في معهد طوكيو للعلوم الطبية، ونُشرت نتائجها في دورية Brain Communications بتاريخ 13 مارس/آذار، كما سلّط الضوء عليها موقع EurekAlert العلمي.
تحدٍ طبي عالمي
تُعد إصابات الحبل الشوكي من التحديات الصحية الخطيرة، لما تسببه من شلل جزئي أو كلي قد يغيّر حياة المصاب تمامًا. وعلى الرغم من التقدم في العلاجات الطبية وإعادة التأهيل، فإن استعادة الوظائف الحركية الدقيقة، خاصة في الأطراف العلوية، لا تزال من أكبر العقبات التي تواجه المرضى والأطباء على حد سواء.
كيف يعمل “إدونيربيك مالييت”؟
يعتمد تأثير الدواء على تعزيز “اللدونة العصبية” أو ما يُعرف بالمرونة العصبية (Neural Plasticity)، وهي قدرة الدماغ على التكيف وإعادة تنظيم نفسه بعد الإصابة لتعويض الخلايا والوظائف المفقودة.
وفي هذا السياق، أوضح البروفيسور تاكويا تاكاهاشي، قائد الفريق البحثي من جامعة يوكوهاما، أن الدراسة تركزت على فهم دور اللدونة العصبية في دعم عملية التعافي من الشلل، قائلاً: “تُظهر نتائجنا أن عقار إدونيربيك مالييت يمكنه تسريع عملية إعادة التأهيل عبر تحفيز التغيرات العصبية في الدماغ، وهو ما يدعم استعادة الحركة بعد إصابة الحبل الشوكي”.
تجربة عملية على الرئيسيات
أُجريت التجارب على مجموعة من القرود التي تم تدريبها مسبقًا على التقاط الطعام باستخدام أطرافها الأمامية. وبعد إحداث إصابة جزئية متعمدة في الحبل الشوكي العنقي، فقدت الحيوانات القدرة على تنفيذ هذه المهام، مما وفّر بيئة مناسبة لتقييم فعالية الدواء في ظروف مشابهة لإصابات البشر.
نتائج مشجعة
أظهرت النتائج أن الحيوانات التي خضعت لعلاج إدونيربيك مالييت بالتزامن مع برامج إعادة التأهيل أظهرت تحسنًا واضحًا في التحكم الحركي، وخاصة في استخدام اليد المصابة. وأظهرت الفحوص أن الدواء ساعد في تعزيز إرسال الإشارات بين الدماغ والعضلات، مما حسّن من دقة الحركة.
كما أشارت الدراسة إلى أن الدواء يساهم في إعادة تشكيل الروابط العصبية المتبقية، مما يمكّن الدماغ من إيجاد مسارات بديلة للحركة، ويعزز من قدرة المريض على استعادة التحكم بالأطراف المصابة.
وأظهرت فحوص التصوير الدماغي توسعًا في المناطق المسؤولة عن التحكم بحركة اليد، وهو ما يُعزّز القدرة على تنفيذ الحركات الدقيقة مثل الإمساك، ويدل على أن الدواء يساعد الدماغ على التكيف بشكل أسرع مع الإصابة.
نحو تطبيق سريري
وفي تعليق له على نتائج الدراسة، قال البروفيسور تاكاهاشي: “رغم أن الدراسة أُجريت على نماذج حيوانية، فإن النتائج واعدة للغاية، ونأمل أن تفتح الباب أمام تطوير علاجات جديدة للبشر. نطمح أن يكون هذا الدواء جزءًا من بروتوكولات إعادة التأهيل في المستشفيات مستقبلًا، بما يُسهم في مساعدة المرضى حول العالم على استعادة قدرتهم على الحركة والاستقلالية”.