يشكّل الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته نقلة نوعية في مجال الرعاية الصحية، خصوصاً في تشخيص سرطان الجلد، إذ تشير دراسات حديثة إلى أن دقته قد تتجاوز أحياناً دقة الفحوصات التقليدية، مما يعزز فرص الاكتشاف المبكر ويُحسن فرص العلاج.
وفي تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، يعمل باحثون على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة قادرة على تحليل الصور الجلدية وتشخيص سرطان الجلد بدرجة عالية من الدقة، مما يوفر دعماً كبيراً للأطباء في اتخاذ قرارات علاجية مبنية على بيانات دقيقة.
وتُعد هذه التكنولوجيا واعدة على نحو خاص للمقيمين في المناطق الريفية أو لأولئك الذين لا يستطيعون تحمّل تكاليف الفحوصات المتكررة لدى أطباء الجلدية، حيث تتيح لهم الوصول إلى تقييمات طبية سريعة وفعالة من خلال أدوات بسيطة وذكية.
وكانت دراسة منشورة عام 2017 في مجلة نيتشر قد كشفت أن نموذجاً معتمداً على الذكاء الاصطناعي تمكن من التفوق على 21 طبيب أمراض جلدية في تشخيص سرطان الجلد، بعد تدريبه على أكثر من 129 ألف صورة سريرية.
تطور تقنيات الفحص المدعومة بالذكاء الاصطناعي
يعتمد مقدمو الرعاية الصحية على أجهزة صغيرة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لفحص الشامات والآفات الجلدية، مما يسهم في رصد أنواع السرطان الشائعة مثل الورم الميلانيني وسرطان الخلايا القاعدية، مع تقليل الحاجة إلى الخزعات والإحالات الطبية غير الضرورية.
كما تتيح هذه التقنيات للأطباء غير المتخصصين إجراء فحوصات جلدية أولية خلال الزيارات الروتينية، مما يسرّع وتيرة الكشف المبكر ويوسع نطاقه. وتستخدم بعض المراكز المتقدمة ماسحات ضوئية ثلاثية الأبعاد لمراقبة المرضى المعرضين لمخاطر أعلى.
تحفّظات طبية ومخاوف مشروعة
رغم الإمكانات الواعدة، لا تزال بعض التحفظات قائمة بشأن دقة هذه التقنيات ومدى فعاليتها عبر أنواع وألوان البشرة المختلفة. وتشير فيرونيكا روتمبرغ، طبيبة الأمراض الجلدية في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان في نيويورك، إلى أن “الطب لا يقتصر على مجرد النظر إلى صورة، بل يتطلب تواصلاً مباشراً مع المريض وطرح الأسئلة المناسبة”.
ويحذر الأطباء من الاعتماد الكلي على بعض التطبيقات غير المعتمدة في تشخيص سرطان الجلد، إذ لم تخضع جميع هذه الأدوات للمراجعات التنظيمية اللازمة، وتفتقر في كثير من الأحيان إلى الأدلة السريرية الكافية التي تثبت فاعليتها. كما عبّر مختصون عن قلقهم من استخدام أدوات مثل “شات جي بي تي” في تحليل البقع الجلدية، نظراً لعدم إثبات دقتها في المجال التشخيصي حتى الآن