بدأت لجان في البرلمان الموريتاني نقاش مشاريع قوانين تتعلق بمكافحة الفساد، أجازتها الحكومة منتصف يناير الماضي، وأحيلت إلى البرلمان للمصادقة عليها مع بداية دورته الحالية.
وتتشكل المشاريع المتعلقة بمكافحة الفساد من ثلاثة نصوص، يتعلق الأول بالتصريح بالممتلكات والمصالح، ويتعلق الثاني بمكافحة الفساد، فيما يتعلق الثالث بإنشاء السلطة الوطنية لمكافحة الفساد.
ونوقش المشروعان الأوّلان اليوم من طرف لجنة العدل والداخلية والدفاع في البرلمان، ومثّل الحكومة في جلسة نقاشهما وزير العدل محمد محمود ولد بيه، فيما نوقش الثالث أمس من طرف لجنة التوجيه الإسلامي والمصادر البشرية، ومثّل الحكومة خلاله وزير الاقتصاد والمالية سيد أحمد ابوه.
“استثناء النواب”
ومثّل استثناء النواب من الإلزام بالتصريح بالممتلكات والمصالح محل نقاش داخل اللجنة البرلمانية اليوم، حيث خلت مادة القانون الثالثة من ذكر النواب، فيما تضمنت قائمة طويلة تشمل منهم دونهم في المهام والرتبة البروتوكولية من الموظّفين والمنتخبين.
وبدأت اللائحة بالرئيس، والوزير الأول، وأعضاء الحكومة، ومن يماثلهم، فيما ضمت عددا كبيرا من الموظفين، وكذا بقية المنتخبين من رؤساء جهات وعمد، إضافة للقضاة، والولاة والحكام، ومديري المشاريع العمومية، ومسؤولي جمعيات المجتمع المدني المستفيدين من الدعم العمومي.
وزير العدل محمد محمود ولد بيه خلال حضوره نقاش اللجنة البرلماني لمشروعي القانون
ووفق مصادر وكالة الأخبار المستقلة، فإن عددا من رجال الأعمال النواب مارسوا ضغوطا على الحكومة لاستبعادهم من الإلزام بالتصريح بممتلكاتهم ومصالحهم، وهو ما استجابت له الحكومة في النهاية، وأزالتهم من قائمة من ألزمهم القانون بالتصريح بالممتلكات والمصالح.
وأبقت المادة الأولى من مشروع القانون على المشرّعين ضمن الموظفين العموميين المشمولين بمقتضيات هذا القانون، فيما تمت إزالتهم من القائمة التي تضمنتها المادة الثالثة من مشروع القانون.
ونصت المادة الأولى في تعريفها للموظف العمومي – الذي تنطبق عليه أحكام هذا القانون – على أنه “كل شخص مدني أو عسكري يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا سواء كان معيّنا أو منتخبا، دائما أو مؤقتا، مدفوع الأجر أو غير مدفوع الأجر، ويساهم بهذه الصفة في خدمة هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية، أو أي مؤسسة أخرى تمتلك الدولة كل أو بعض رأس مالها أو أية مؤسسة أخرى تقدم خدمة عمومية”.
ووفق نص المادة أعلاه، فإن النواب يَجمعون بين صفتين من الصفاة الواردة فيها، فهم منتخبون ويمارسون التشريع، ورغم ذلك خلت منهم لائحة الملزمين بالتصريح، خلافا لبقية المنتخبين من عمد ورؤساء مجالس جهوية، والذين يحوزون صفة واحدة هي الانتخاب.
وتضمنت قائمة الملزمين بالتصريح 35 صفة لموظفين عموميين، وهذه هي القائمة:
1. الرئيس
2. الوزير الأول
3. أعضاء الحكومة أو من يماثلهم
4. رئيس المجلس الدستوري
5. رئيس المجلس الأعلى للفتوى والمظالم
6. رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
7. رئيس المحكمة العليا
8. رئيس محكمة الحسابات
9. رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان
10. محافظ البنك المركزي الموريتاني
11. المحافظ المساعد للبنك المركزي الموريتاني
12. أعضاء المجلس الدستوري
13. القضاة
14. رؤساء الجهات
15. عُمد البلديات الذين يسيرون ميزانية سنوية يفوق مستواها مبلغا محددا بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء
16. الأمناء العامون للقطاعات الوزارية أو من يماثلهم
17. قادة الأركان في الجيش والحرس والدرك الوطني
18. رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية
19. الولاة
20. المدير العام للأمن الوطني
21. المدير العام للأمن المدني وتسيير الأزمات
22. مديرو الجمارك والخزينة العامة والميزانية والضرائب بالوزارة المكلفة بالمالية
23. المعتمدون على أموال الجيش والدرك والحرس
24. المسؤول المكلف بالتحفيظ العقاري
25. المديرون المكلفون بالمالية بالقطاعات الوزارية أو من يماثلهم
26. حكام المقاطعات
27. مديرو المؤسسات والشركات العمومية ورؤساء مجالس إدارتها أو الهيئة التي تقوم مقامها
28. مديرو المشاريع العمومية والوكالات المتمتعة بالاستقلال المالي
29. المحاسبون المركزيون للدولة، ومحاسبو المؤسسات والهيئات أو المصالح العمومية التي تتجاوز ميزانيتها مبلغا محددا بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء
30. رئيس وأعضاء سلطات التنظيم
31. رئيس وأعضاء الهيئات وأجهزة التفتيش والرقابة
32. رئيس وأعضاء لجان إبرام ورقابة الصفقات العمومية
33. أعضاء السلطة المكلفة بمكافحة الفساد
34. مسؤولو منظمات المجتمع المدني المستفيدة من دعم مالي من الدولة في حدود مبلغ محدد بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء
35. أي شخص ينص قانون آخر على إلزامه بالتصريح
كما يفتح القانون الباب أمام الحكومة لإضافة فئات أخرى من الموظفين العموميين لإلزامهم بالتصريح بممتلكاتهم ومصالحهم، محيلا مهمة ضبط قائمتهم إلى مرسوم لاحق صادر عن مجلس الوزراء بعد أخذ رأي السلطة.
“بإمكانكم إضافتهم”
وزير العدل محمد محمود ولد بيه رد على اعتراض بعض النواب على استبعاد البرلمانيين من قائمة الملزمين بالتصريح، بقوله إن مشروع القانون الآن بين أيديهم وبإمكانهم إضافة من يشاؤون.
وأضافت مصادر برلمانية أن الوزير ذكّر النوّاب بأنهم هم الجهة المسؤولة عن مراجعة مشروع القانون والإضافة أو الحذف منه قبل المصادقة عليه ليصبح نافذا.
النائب البرلماني محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل استغرب في تدوينة على حسابه في فيسبوك “استثناء النواب من مسطرة مكافحة الفساد، على الرغم من دور بعضهم في الصفقات العمومية”، لافتا “انتباه الجهات المعنية إلى ضرورة تعديل القانون ليشمل النواب”.
ولاحظ ولد الشيخ محمد فاضل “التناقض الكبير والواضح بين ممارسة النظام للفساد بشكل ممنهج، وتقديمه نظريا للقوانين التي تحاربه “، منبها إلى تلقي البرلمان قوانين مهمة تتعلق بمكافحة الفساد، والاتفاق على أهمية سن التشريعات القانونية في سبيل بناء الدولة المدنية.
“أهداف القوانين”
وصادقت الحكومة خلالها اجتماعها يوم 16 يناير الماضي على مشاريع القوانين الثلاثة، وهي “مشروع قانون يتعلق بالتصريح بالممتلكات والمصالح”، وحددت الحكومة هدفه في “تعزيز الشفافية ومنع تضارب المصالح، ومكافحة الإثراء غير المشروع، وترسيخ النزاهة والأخلاق في الحياة العامة، وينص على إلزامية التصريح بالممتلكات والمصالح، مع توسيع نطاق الإلزام ليشمل فئات جديدة من الموظفين العموميين الذين يتمتعون بمناصب عليا أو يملكون سلطة اتخاذ القرار أو التأثير خلال مزاولة مهامهم
ولاحظ ولد الشيخ محمد فاضل “التناقض الكبير والواضح بين ممارسة النظام للفساد بشكل ممنهج، وتقديمه نظريا للقوانين التي تحاربه “، منبها إلى تلقي البرلمان قوانين مهمة تتعلق بمكافحة الفساد، والاتفاق على أهمية سن التشريعات القانونية في سبيل بناء الدولة المدنية.
“أهداف القوانين”
وصادقت الحكومة خلالها اجتماعها يوم 16 يناير الماضي على مشاريع القوانين الثلاثة، وهي “مشروع قانون يتعلق بالتصريح بالممتلكات والمصالح”، وحددت الحكومة هدفه في “تعزيز الشفافية ومنع تضارب المصالح، ومكافحة الإثراء غير المشروع، وترسيخ النزاهة والأخلاق في الحياة العامة، وينص على إلزامية التصريح بالممتلكات والمصالح، مع توسيع نطاق الإلزام ليشمل فئات جديدة من الموظفين العموميين الذين يتمتعون بمناصب عليا أو يملكون سلطة اتخاذ القرار أو التأثير خلال مزاولة مهامهم”.
أما مشروع القانون الثاني، والذي يتضمن مكافحة الفساد، فحددت هدفه في “سد الثغرات القانونية وأوجه القصور التي كشفت عنها تجربة تطبيق القانون 2016- 014 المتعلق بمكافحة الفساد، خلال المرحلة الماضية، وإدخال توصيات الاستعراض الدوري لتنفيذ أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الرشوة، من جهة أخرى”.
فيما حددت هدف مشروع القانون الثالث، والمتعلق بـ”السلطة الوطنية لمكافحة الفساد”، في “إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد تدعى “السلطة الوطنية لمكافحة الفساد” تضطلع بمهمة الوقاية من الفساد، وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد وتعزيز النزاهة والشفافية، والحد من التجاوزات من خلال تبني آليات فعّالة للرصد والرقابة، وإشراك الأطراف المعنية”.